قوله تعالى: {وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ} سياط من حديد واحدتها: مقمعة، قال الليث: المقمعة شبه الجزر من الحديد، من قولهم: قمعت رأسه، إذا ضربته ضربا عنيفا، وفي الخبر: «لو وضع مقمع من حديد في الأرض ثم اجتمع عليه الثقلان ما أقلوه من الأرض». {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ} أي: كلما حاولوا الخروج من النار لما يلحقهم من الغم والكرب الذي يأخذ بأنفاسهم {أُعِيدُوا فِيهَا} أي: ردوا إليها بالمقامع. وفي التفسير: إن جهنم لتجيش بهم فتلقيهم إلى أعلاها فيريدون الخروج منها فتضربهم الزبانية بمقامع من الحديد فيهوون فيها سبعين خريفا. {وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} أي: تقول لهم الملائكة: ذوقوا عذاب الحريق، أي: المحرق، مثل الأليم والوجيع.قال الزجاج: هؤلاء أحد الخصمين. وقال في الآخر، وهم المؤمنون: {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} جمع سوار، {وَلُؤْلُؤًا} قرأ أهل المدينة وعاصم {ولؤلؤا} هاهنا وفي سورة الملائكة بالنصب وافق يعقوب هاهنا على معنى ويحلون لؤلؤا، ولأنها مكتوبة في المصاحف بالألف، وقرأ الآخرون بالخفض عطفا على قوله: {من ذهب}، ويترك الهمزة الأولى في كل القرآن أبو جعفر وأبو بكر، واختلفوا في وجه إثبات الألف، فيه، فقال أبو عمرو: أثبتوها كما أثبتوا في: قالوا وكانوا، وقال الكسائي: أثبتوها للهمزة، لأن الهمزة حرف من الحروف {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} أي: يلبسون في الجنة ثياب الإبريسم وهو الذي حرم لبسه في الدنيا على الرجال.أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي شريح، أخبرنا أبو القاسم البغوي، أخبرنا علي بن الجعد، أخبرنا شعبة، عن قتادة، عن داود السراج، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه الله إياه في الآخرة، فإن دخل الجنة لبسه أهل الجنة ولم يلبسه هو».